ملخص كتاب الاتصال الثقافي

في ظل التطورات المتلاحقة في بنية الاتصال وأنظمته وتقنياته، يعيش العالم حركة اتصال وتواصل دولي يفرض على وسائل الإعلام بمختلف أطيافها أن تراعي في مضامين رسائلها خصائص الاتصال الثقافي العالمي؛ لتعطي البعد الثقافي للمجتمعات خصوصيته، بما يمكنها من بناء خطاب إعلامي مؤثر وفعال.

لذا يأتي هذا المؤلَّف محاولة جادة لفتح آفاق واسعة أمام القائمين بالاتصال أفراداً وجماعات للإفادة من موروثنا الإسلامي، وما تضمنه من رؤى وممارسات اتصالية عالمية مكنته – في مختلف العصور – من الوصول إلى أقطار الدنيا؛ سعياً إلى بناء تراكم معرفي وتطبيقي لمنهج الاتصال الثقافي، بما يفضي إلى تبني خطاب اتصالي عالمي يصلنا بالآخر، ولا يتيح للآخر فرصة الهيمنة، ويجعلنا في موقف التبعية.

يكتسب هذا الكتاب أهميته من كونه محاولة استقرائية للوقوف على بعض التراكمات العلمية للدراسات العربية في مجال الاتصال الثقافي في بنائه النظري، وتحليل لنماذج تطبيقية من صور اتصال المسلمين بالآخر؛ مما يمثل جوانب من الظاهرة الاتصالية في بعدها الثقافي لتكون هذه المحاولة لبنة في البناء المعرفي لهذا المجال الحيوي، سعيا إلى تضافر الجهود العلمية لصياغة خطاب إعلامي مسلم إلى العالم أجمع بصورة مؤثرة تقوم على فهم دقيق للمقومات الثقافية لدى المتلقين بما يسهم في تقليص جوانب التنافر في المضامين الإعلامية للخطاب الإعلامي في المؤسسات الإعلامية والدعوية الإسلامية لأنها تحمل رسالة عالمية واحدة للبشرية جمعاء، بدأها رسول الهدى r في أول يوم انطلقت فيه رسالة الإسلام.

وفي العصر الحديث يلحظ وبشكل جليّ أن الرسائل الإعلامية الدولية تتدفق، في الغالب، من الثقافة الغربية إلى بقية أرجاء العالم؛ مما أوجد صورا من معالم الثقافة الغربية في النسيج الثقافي للمجتمعات النامية. هذه الظاهرة كثفت بشدة عن أهمية دراسة التأثيرات الثقافية للاتصال عبر الثقافات؛ إضافة إلى أن أدبيات الاتصال الثقافي تعاني من نقص حاد في تراكميتها العربية بحكم أن هذا المجال لم يتشكل بعد معرفياً على مستوى المفاهيم أو الدراسات الإجرائية إذا استثنينى بعض التناولات الموجزة والمحاولات الفردية

وقد جاءت هذه الدراسة قسمين رئيسين؛ يتضمن القسم الأول البناء المعرفي للاتصال الثقافي من خلال المفهوم والخصائص والمجالات والتأثيرات والمستويات؛ إضافة إلى تناول حركة الاتصال الثقافي في البيئات الثقافية المختلفة، ومعوقات هذا الاتصال.

ويقدم القسم الثاني تحليلاً لنماذج وتطبيقات الاتصال الثقافي في الإسلام، وذلك بعد محاولة الوقوف على مقومات هذا الاتصال وَفقاً لميادينه ومجالاته.